فصل: الآية (11)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏ الآية 1 - 8 ‏(‏تابع‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إذا لبس أحدكم ثوبا جديدا، فليقل الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمل به في الناس‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة، عن عون بن عبد الله قال‏:‏ لبس رجلا ثوبا جديدا، فحمد الله، فأدخل الجنة، أو غفر له‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏وقضينا إلى بني إسرائيل‏}‏ قال‏:‏ أعلمناهم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏وقضينا إلى بني إسرائيل‏}‏ قال‏:‏ أخبرناهم‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏وقضينا إلى بني إسرائيل‏}‏ قال‏:‏ قضينا عليهم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين‏}‏ قال‏:‏ هذا تفسير الذي قبله‏.‏

وأخرج ابن المنذر والحاكم، عن طاوس قال‏:‏ كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما ومعنا رجل من القدرية، فقلت أن أناسا يقولون لا قدر‏.‏ قال‏:‏ أوفي القوم أحد منهم‏؟‏ قلت‏:‏ لو كان، ما كنت تصنع به‏؟‏ قال‏:‏ لو كان فيهم أحد منهم لأخذت برأسه‏.‏ ثم قرأت عليه ‏{‏وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ إن الله عهد إلى بني إسرائيل في التوراة ‏{‏لتفسدن في الأرض مرتين‏}‏‏.‏

فكان أول الفساد‏:‏ قتل زكريا عليه السلام، فبعث الله عليهم ملك النبط، فبعث الجنود وكانت أساورته ألف فارس ‏{‏فهم أولو بأس‏}‏ فتحصنت بنو إسرائيل، وخرج فيهم بختنصر يتيما مسكينا، إنما خرج يستطعم، وتلطف حتى دخل المدينة، فأتى مجالسهم وهم يقولون‏:‏ لو يعلم عدونا ما قذف في قلوبنا من الرعب بذنوبنا ما أرادوا قتالنا، فخرج بختنصر حين سمع ذلك منهم وأشد القيام على الجيش، فرجعوا وذلك قول الله‏:‏ ‏{‏فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد‏}‏ الآية‏.‏

ثم إن بني إسرائيل تجهزوا فغزوا النبط، فأصابوا منهم، فاستنقذوا ما في أيديهم، فذلك قوله‏:‏ ‏{‏ثم رددنا لكم الكرة عليهم‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن عساكر في تاريخه، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏لتفسدن في الأرض مرتين‏}‏ قال‏:‏ الأولى، قتل زكريا عليه الصلاة والسلام، والأخرى، قتل يحيى عليه السلام‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم، عن عطية العوفي رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏لتفسدن في الأرض مرتين‏}‏ قال‏:‏ أفسدوا في المرة الأولى، فبعث الله عليهم جالوت فقتلهم، وأفسدوا المرة الثانية، فقتلوا يحيى بن زكريا عليهما السلام، فبعث الله عليهم بختنصر‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ بعث الله عليهم في الأولى جالوت، فجاس خلال ديارهم وضرب عليهم الخراج والذل، فسألوا الله أن يبعث إليهم ملكا يقاتلون في سبيل الله، فبعث الله طالوت، فقتل جالوت فنصر بنو إسرائيل، وقتل جالوت بيدي داود عليه السلام، ورجع إلى بني إسرائيل ملكهم، فلما أفسدوا‏:‏ بعث الله عليهم في المرة الآخرة بختنصر، فخرب المساجد وتبر ‏{‏ما علوا تتبيرا‏}‏ قال الله‏:‏ بعد الأولى والآخرة ‏(‏عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا‏)‏ قال‏:‏ فعادوا فسلط الله عليهم المؤمنين‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي هاشم العبدي، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ ملك ما بين المشرق والمغرب أربعة‏:‏ مؤمنان، وكافران، أما الكافران، فالفرخان ‏[‏و‏؟‏‏؟‏‏]‏ بختنصر‏.‏

فأنشأ أبو هاشم يحدث قال‏:‏ كان رجل من أهل الشام صالحا فقرأ هذه الآية ‏{‏وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏علوا كبيرا‏}‏‏.‏

قال‏:‏ يا رب، أما الأولى فقد فاتتني، فأرني الآخرة‏.‏

فأتى وهو قاعد في مصلاه قد خفق برأسه فقيل‏:‏ الذي سألت عنه ببابل واسمه بختنصر‏.‏

فعرف الرجل أنه قد استجيب له، فاحتمل جرابا من دنانير فأقبل حتى انتهى إلى بابل، فدخل على الفرخان فقال‏:‏ إني قد جئت بمال فأقسمه بين المساكين‏.‏

فأمر به فأنزل، فجمعوهم له، ثم جعل يعطيهم ويسألهم عن أسمائهم، حتى إذا فرغ ممن بحضرته قيل له‏:‏ فإنه قد بقيت منهم بقايا في الرساتيق، فجعل يبعث فتاه حتى إذا كان الليل رجع إليه فأقرأه رجلا رجلا، فأتى على ذكر بختنصر فقال‏:‏ قف‏.‏ كيف قلت‏؟‏ قال‏:‏ بختنصر‏.‏ قال‏:‏ وما بختنصر هذا‏؟‏ قال‏:‏ هو أشدهم فاقة، وهو مقعد يأتي عليه السفارون، فيلقي أحدهم إليه الكسرة، ويأخذ بأنفه‏.‏ قال‏:‏ فإني مسلم به ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏ لا بد‏.‏ قال الآخر‏:‏ فإنما هو في خيمة له يحدث فيها، حتى أذهب فأقلبها وأغسله‏.‏ قال‏:‏ دونك هذه الدنانير‏.‏ فأقبل إليه بالدنانير فأعطاه إياها‏.‏ ثم رجع إلى صاحبه فجاء معه، فدخل الخيمة فقال‏:‏ ما اسمك‏؟‏ قال‏:‏ بختنصر‏.‏ قال‏:‏ من سماك بختنصر‏؟‏ قال‏:‏ من عسى أن يسميني إلا أمي‏!‏ قال‏:‏ فهل لك أحد‏؟‏ قال‏:‏ لا والله، إني لههنا أخاف بالليل أن تأكلني الذئاب‏.‏ قال‏:‏ فأي الناس أشد بلاء‏؟‏ قال‏:‏ أنا‏.‏ قال‏:‏ أفرأيت إن ملكت يوما من دهر أتجعل لي أن لا تعصيني‏؟‏ قال أي سيدي لا يضرك أن لا تهزأ بي‏.‏ قال‏:‏ أرأيت إن ملكت مرة أتجعل لي أن لا تعصيني‏؟‏ قال‏:‏ أما هذه فلا أجعلها لك ولكن سوف أكرمك كرامة لا أكرمها أحدا‏.‏

قال دونك هذه الدنانير، ثم انطلق فلحق بأرضه، فقام الآخر فاستوى على رجليه، ثم انطلق فاشترى حمارا وأرسانا، ثم جعل يستعرض تلك الأعاجم فيجزها فيبيعه، ثم قال‏:‏ إلى متى هذا الشقاء‏؟‏ فعمد فباع ذلك الحمار وتلك الأرسان واكتسى كسوة، ثم أتى باب الملك، فجعل يشير عليهم بالرأي وترتفع منزلته حتى انتهوا إلى بواب الفرخان الذي يليه، فقال له الفرخان‏:‏ قد ذكر لي رجل عندك، فما هو‏؟‏ قال‏:‏ ما رأيت مثله قط‏!‏ قال‏:‏ ائتني به، فكلمه فأعجب به‏.‏ قال‏:‏ إن بيت المقدس وتلك البلاد قد استعصوا علينا، وإنا باعثون عليهم بعثا، وإني باعث إلى البلاد من يختبرها، فنظر حينئذ إلى رجال من أهل الأرب والمكيدة، فبعثهم جواسيس، فلما فصلوا إذا بختنصر قد أتى بخرجيه على بغلة، قال‏:‏ أين تريد‏؟‏ قال‏:‏ معهم قال‏:‏ أفلا آذنتني فابعثك عليهم‏؟‏ قال‏:‏ لا، حتى إذا وقعوا بالأرض قال‏:‏ تفرقوا‏.‏

وسأل بختنصر عن أفضل أهل البلد‏؟‏ فدل عليه، فألقى خرجيه في داره‏.‏ قال لصاحب المنزل‏:‏ ألا تخبرني عن أهل بلادك، قال‏:‏ على الخبير سقطت، هم قوم فيهم كتاب فلا يقيمونه، وأنبياء فلا يطيعونهم، وهم متفرقون‏.‏

قال بختنصر كالمتعجب منه‏:‏ كتاب لا يقيمونه، وأنبياء لا يطيعونهم، وهم متفرقون‏!‏ فكتبهن في ورقة وألقى في خرجيه وقال‏:‏ ارتحلوا‏.‏

فاقبلوا، حتى قدموا على الفرخان، فجعل يسأل كل رجل منهم، فجعل الرجل يقول‏:‏ أتينا بلاد كذا ولها حصن كذا ولها نهر كذا قال‏:‏ يا بختنصر، ما تقول‏؟‏ قال‏:‏ قدمنا أرضا على قوم لهم كتاب لا يقيمونه، وأنبياء لا يطيعونهم، وهم متفرقون‏.‏

فأمر حينئذ، فندب الناس وبعث إليهم سبعين ألفا، وأمر عليهم بختنصر، فساروا حتى إذا علوا في الأرض أدركهم البريد أن الفرخان قد مات ولم يستخلف أحدا‏.‏

قال للناس‏:‏ مكانكم‏.‏ ثم أقبل على البريد حتى قدم على الناس وقال‏:‏ كيف صنعتم‏؟‏ قالوا‏:‏ كرهنا أن نقطع أمرا دونك‏.‏ قال‏:‏ إن الناس قد بايعوني‏.‏ فبايعوه، ثم استخلف عليهم وكتب بينهم كتابا، ثم انطلق بهم سريعا حتى قدم على أصحابه، فأراهم الكتاب، فبايعوه وقالوا‏:‏ ما بنا رغبة عنك‏.‏

فساروا، فلما سمع أهل بيت المقدس تفرقوا وطاروا تحت كل كوكب، فشعث ما هناك، أي أفسد، وقتل من قتل وخرب بيت المقدس، واستبى أبناء الأنبياء فيهم دانيال‏.‏

فسمع به صاحب الدنانير فأتاه فقال‏:‏ هل تعرفني‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ فأدنى مجلسه ولم يشفعه في شيء، حتى إذا نزل بابل لا ترد له راية‏.‏

فكان كذلك ما شاء الله، ثم إنه رأى رؤيا فأفظعته، فأصبح قد نسيها‏.‏ قال‏:‏ علي بالسحرة والكهنة‏.‏ قال‏:‏ أخبروني عن رؤيا رأيتها الليلة، والله لتخبرني بها، أو لأقتلنكم‏.‏ قالوا‏:‏ ما هي‏؟‏ قال‏:‏ قد نسيتها قالوا‏:‏ ما عندنا من هذا علم، إلا أن ترسل إلى أبناء الأنبياء‏.‏ فأرسل إلى أبناء الأنبياء‏.‏ قال‏:‏ أخبروني عن رؤيا رأيتها الليلة، والله لتخبروني بها أو لأقتلنكم‏.‏ قالوا‏:‏ ما هي‏؟‏ قال‏:‏ قد نسيتها‏.‏ قالوا غيب ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى‏.‏ قال والله لتخبرني بها، أو لأضربن أعناقكم‏.‏ قالوا‏:‏ فدعنا حتى نتوضأ ونصلي وندعو الله تعالى‏.‏ قال‏:‏ فافعلوا‏.‏

فانطلقوا فأحسنوا الوضوء، فأتوا صعيدا طيبا فدعوا الله، فأخبروا بها، ثم رجعوا إليه فقالوا‏:‏ رأيت كأن رأسك من ذهب، وصدرك من فخار، ووسطك من نحاس، ورجليك من حديد‏.‏

قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ أخبروني بعبارتها أو لأقتلنكم‏.‏

قالوا‏:‏ فدعنا ندعو ربنا‏.‏ قال اذهبوا، فدعوا ربهم فاستجاب لهم، فرجعوا إليه قالوا‏:‏ رأيت كأن رأسك من ذهب، ملكك هذا يذهب عند رأس الحول من هذه الليلة‏.‏

قال‏:‏ ثم مه‏؟‏ قالوا‏:‏ ثم يكون بعدك ملك يفخر على الناس، ثم يكون ملك يخشى الناس شدته، ثم يكون ملك لا يقله شيء، إنما هو مثل الحديد يعني الإسلام‏.‏

فأمر بحصن فبني له، بينه وبين السماء، ثم جعل ينطقه بمقاعد الرجال والأحراس، وقال لهم‏:‏ إنما هي هذه الليلة لا يجوز عليكم أحد، وإن قال أنا بختنصر إلا قتلتموه مكانه، كائنا من كان من الناس‏.‏

فقعد كل أناس في مكانهم الذي وكلوا به‏.‏ واهتاج بطنه من الليل، فكره أن يرى مقعده هناك‏.‏ وضرب على أسمخة القوم، فاستثقلوا نوما، فأتى عليهم وهم نيام، ثم أتى عليهم فاستيقظ بعضهم، فقال‏:‏ من هذا‏؟‏ قال‏:‏ بختنصر‏.‏ قال‏:‏ هذا الذي حفي إلينا فيه الليلة‏.‏ فضربه فقتله، فأصبح الخبيث قتيلا‏.‏

وأخرج ابن جرير نحوه أخصر منه عن سعيد بن جبير رضي الله عنه، وعن السدي وعن وهب بن منبه‏.‏

وأخرج ابن جرير عن سعيد بن المسيب قال‏:‏ ظهر بختنصر على الشام، فخرب بيت المقدس وقتلهم، ثم أتى دمشق فوجد بها دما يغلي على كباء فسألهم ما هذا الدم‏؟‏ قالوا‏:‏ أدركنا آبائنا على هذا وكلما ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏ ظهر عليهم البكاء ظهر، فقتل على ذلك الدم سبعين ألفا من المسلمين وغيرهم فسكن‏.‏

وأخرج ابن عساكر، عن الحسن رضي الله عنه‏:‏ أن بختنصر لما قتل بني إسرائيل وهدم بيت المقدس وسار بسبايا بني إسرائيل إلى أرض بابل، فسامهم سوء العذاب، أراد أن يتناول السماء، فطلب حيلة يصعد بها، فسلط الله عليه بعوضة، فدخلت منخره فوقفت في دماغه، فلم تزل تأكل دماغه وهو يضرب رأسه بالحجر حتى مات‏.‏

وأخرج ابن جرير، عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن بني إسرائيل لما اعتدوا في السبت وعلوا وقتلوا الأنبياء عليهم السلام بعث الله عليهم ملك فارس بختنصر، وكان الله ملكه سبعمائة سنة، فسار إليهم حتى دخل بيت المقدس، فحاصرها وفتحها، وقتل على دم زكريا عليه السلام سبعين ألفا، ثم سبى أهلها وبني الأنبياء، وسلب حلى بيت المقدس، واستخرج منها سبعين ألفا ومائة ألف عجلة من حلى، حتى أورده بابل‏"‏ قال حذيفة رضي الله عنه‏:‏ فقلت‏:‏ يا رسول الله، لقد كان بيت المقدس عظيما عند الله‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ ‏"‏أجل‏"‏ فبناه سليمان بن داود عليه السلام من ذهباودر وياقوت وزبرجد وكان بلاطة ذهبا وبلاطة فضة، وعمده ذهبا، أعطاه الله ذلك وسخر له الشياطين يأتونه بهذه الأشياء في طرفة عين، فسار بختنصر بهذه الأشياء حتى نزل بها بابل، فأقام بنو إسرائيل مائة سنة يعذبهم المجوس وأبناء المجوس، فيهم الأنبياء وأبناء الأنبياء، ثم إن الله رحمهم، فأوحى إلى ملك من ملوك فارس يقال له كورس - وكان مؤمنا - ‏:‏ أن سر إلى بقايا بني إسرائيل حتى تستنقذهم، فسار كورس ببني إسرائيل ودخل بيت المقدس حتى رده إليه، فأقام بنو إسرائيل مطيعين لله مائة سنة، ثم إنهم عادوا في المعاصي، فسلط عليهم ابطنانحوس فغزا ثانيا بمن غزا مع بختنصر، فغزا بني إسرائيل، حتى أتاهم بيت المقدس، فسبى أهلها وأحرق بيت المقدس‏.‏ وقال لهم‏:‏ يا بني إسرائيل، إن عدتم في المعاصي، عدنا عليكم في السباء، فعادوا في المعاصي، فسير الله علبهم السباء الثالث‏:‏ ملك رومية يقال له فاقس بن اسبايوس، فغزاهم في البر والبحر فسباهم، وسير حلى بيت المقدس وأحرق بيت المقدس بالنيران، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏فهذا من صفة حلى بيت المقدس ويرده المهدي إلى بيت المقدس، وهو ألف سفينة وسبعمائة سفينة يرسى بها على يافا، حتى تنتقل إلى بيت المقدس وبها يجتمع إليه الأولون والآخرون‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد قال‏:‏ كان إفسادهم الذي يفسدون في الأرض مرتين‏:‏ قتل زكريا عليه السلام ويحيى بن زكريا، فسلط عليهم سابور ذا الأكتاف، ملكا من ملوك فارس، من قبل زكريا، وسلط عليهم بختنصر من قبل يحيى‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏فإذا جاء وعد أولاهما‏}‏ قال‏:‏ إذا جاء وعد أولى تينك المرتين اللتين قضينا إلى بني إسرائيل ‏{‏لتفسدن في الأرض مرتين‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد‏}‏ قال جند أتوا من فارس يتجسسون من أخبارهم ويسمعون حديثهم معهم بختنصر فوعى حديثهم من بين أصحابه، ثم رجعت فارس ولم يكثر قتال ونصرت عليهم بنو إسرائيل، فهذا وعد الأولى ‏{‏فإذا جاء وعد الآخرة‏}‏ بعث ملك فارس ببابل جيشا وأمر عليهم بختنصر فدمروهم، فهذا وعد الآخرة‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏فجاسوا‏}‏ قال فمشوا‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه قال‏:‏ أما المرة الأولى فسلط عليهم جالوت، حتى بعث طالوت ومعه داود فقتله داود، ثم رد الكرة لبني إسرائيل ‏{‏وجعلناكم أكثر نفيرا‏}‏ أي عددا وذلك في زمان داود ‏{‏فإذا جاء وعد الآخرة‏}‏ آخر العقوبتين ‏{‏ليسوءكم وجوهكم‏}‏ قال ليقبحوا وجوهكم، ‏{‏وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة‏}‏ قال‏:‏ كما دخل عدوهم قبل ذلك ‏{‏وليتبروا ما علوا تتبيرا‏}‏ قال‏:‏ يدمروا ما علوا تدميرا، فبعث الله عليهم في الآخرة بختنصر البابلي المجوسي أبغض خلق الله إليه، فسبى وقتل وخرب بيت المقدس، وسامهم سوء العذاب‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 2‏)‏‏:‏ الآية 1 - 8 ‏(‏تابع‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد رضي الله عنه في الآية قال‏:‏ كانت الآخرة أشد من الأولى بكثير، فإن الأولى كانت هزيمة فقط، والآخرة كانت تدميرا، وحرق بختنصر التوراة حتى لم يترك فيها حرفا واحدا، وخرب بيت المقدس‏.‏

وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏تتبيرا‏}‏ قال‏:‏ تدميرا‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال‏:‏ ‏{‏تبرنا‏}‏ دمرنا بالنبطية‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏عسى ركم أن يرحمكم‏}‏ قال‏:‏ كانت الرحمة التي وعدهم‏:‏ بعث محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏وإن عدتم عدنا‏}‏ قال‏:‏ فعادوا، فبعث الله عليهم محمدا صلى الله عليه وسلم فهم يعطون ‏(‏الجزية عن يد وهم صاغرون‏)‏ ‏(‏التوبة، أية - 29‏)‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا‏}‏ قال‏:‏ سجنا‏.‏

وأخرج ابن النجار في تاريخه، عن أبي عمران الجوني في قوله‏:‏ ‏{‏وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا‏}‏ يقول‏:‏ جعل الله مأواهم فيها‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏حصيرا‏}‏ قال‏:‏ يحصرون فيها‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الحسن في قوله‏:‏ ‏{‏حصيرا‏}‏ قال‏:‏ فراشا ومهادا‏.‏

 الآية 9 - 10

أخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله‏:‏ ‏{‏إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم‏}‏ قال‏:‏ للتي هي أصوب‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة في الآية قال‏:‏ إن القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، فأما دائكم فالذنوب والخطايا، وأما دواؤكم فالاستغفار‏.‏

وأخرج الحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يتلو كثيرا ‏{‏إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم‏}‏ خفيف‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏أن لهم أجرا كبيرا‏}‏ قال‏:‏ الجنة‏.‏ وكل شيء في القرآن أجر كبير ورزق كبير ورزق كريم فهو الجنة‏.‏

 الآية 11

أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير‏}‏ يعني قول الإنسان‏:‏ اللهم إلعنه واغضب عليه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير‏}‏ قال‏:‏ ذلك دعاء الإنسان بالشر على ولده وعلى امرأته، يغضب أحدهم فيدعو عليه، فيسب نفسه ويسب زوجته وماله وولده، فإن أعطاه الله ذلك شق عليه، فيمنعه ذلك، ثم يدعو بالخير فيعطيه‏.‏

وأخرج ابن جرير، عن مجاهد رضي الله عنه‏:‏ في قوله‏:‏ ‏{‏ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير‏}‏ قال‏:‏ ذلك دعاء الإنسان بالشر على ولده وعلى امرأته يعجل فيه، فيدعو عليه لا يحب أن يصيبه‏.‏

وأخرج أبو داود والبزار، عن جابر رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا تدعوا على أنفسكم، لا تدعوا على أولادكم، لا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة فيها إجابة فيستجيب لكم‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏وكان الإنسان عجولا‏}‏ قال‏:‏ ضجرا لا صبر له على سراء ولا ضراء‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر وابن عساكر، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال‏:‏ أول ما خلق الله من آدم عليه السلام رأسه، فجعل ينظر وهو يخلق وبقيت رجلاه، فلما كان بعد العصر قال‏:‏ يا رب، اعجل قبل الليل، فذلك قوله‏:‏ ‏{‏وكان الإنسان عجولا‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة، عن مجاهد قال‏:‏ لما خلق الله آدم خلق عينيه قبل بقية جسده، فقال‏:‏ أي رب، أتم بقية خلقي قبل غيبوبة الشمس، فأنزل الله ‏{‏وكان الإنسان عجولا‏}‏‏.‏